مختبر القردة

لم أكن بروفيسور، كنت مجرّد عامل في المختبر، أصل قبل الجميع، لأنظف المكان، وأعتني بحيوانات المختبر.

لم يكن هناك العديد من الأنواع على كل حال، كانت لدينا فقط “القرود”، من فصيلة المكاك المفضلة لإختبارات مراكز علوم الأعصاب، لذا فقد كنت أيضاً المسؤول عن الإعتناء بهذه القرود، تنظيف أقفاصها، تحميمها، وأيضاً بكل تأكيد إعطاءها الطعام.

لكن أصعب مهمة كنت أقوم بها، هي تجهيزها لموعد الإختبار، كان الدكتور يأتي متحفزاً في ذلك اليوم ليطلب مني تجهيز “الشيء” ، يخرج القرد سعيداً من قفصه لأداء مهمته التي تدرّب عليها، يوضع في الكرسي، يتمّ شدّه جيداً، ثم يبدأ البروفيسور في قياس نبضاته العصبية، يطلب منه القيام بمهام، تحريك الكرة، قذفها، مراراً ، تكراراً ، مراراً ، تكراراً ، على مدى ساعات، يحصل القرد على مكافأته، ثم يُطلب مني إرجاعه إلى قفصه وإحضار آخر.

على مدى سنوات، كنت أعمل بصمت، مرّت أمام عيني العديد من الإختبارات، قرود يتم إخضاعها لعمليات جراحية تتضمن إزالة أجزاء معينة من أدمغتها لمراقبة ردود أفعالها، قردة يتم تقطيع أعصابها في أماكن معينة لرؤية تأثير ذلك عليها، عمليات في الأطراف، في الجذع الشوكي، سجون وأقفاص، عدم إدراك ، وكذلك المكافآت التي تجعلها سعيدة.

بدون أن ألحظ، أصبح تعلّقي بهذه الكائنات المسكينة أكبر، قربي منها جعلني أشعر بهذا الألم الذي يحدث لهم، ما ذنب هذه القرود، وهي تتعرض يومياً للتعذيب والحبس والإستغلال، ورويداً ، رويداً، بدأ ينمو داخلي إحساس بوجوب صنع شيء.

في تلك الليلة، قررت فعل ما خططت له مطولاً ، وبالمفاتيح التي معي، سأقوم بتحرير كل القرود من أقفاصها، وتحريرها من المعاناة التي وضعوا داخلها.

*** **** ***

في الصباح الذي تلى ذلك اليوم، وعندما دخل البروفيسور وبعض الطلبة إلى المختبر، وجدوا مشهداً مروعاً.

كان المختبر في فوضى عارمة محطماً وقذراً ، كل شيء أنتزع من مكانه، النوافذ مهشمة، الأجهزة محطمة، ووسط كل هذه الفوضى، وجدوا جثة العامل المسكين ، وفوقه تتراقص بعض القردة !

أما الأقفاص، فكان بعضها خاوياً ، وبعضها الآخر ما زالت القردة داخله، تحملق في دهشة، رغم أن الأبواب كانت مفتوحة !!