إنتبهوا للقطار



عبّر العديد من إستياءهم عن تمظهرات ممارسة السياسة في ليبيا داخل #المرابيع ، سواء مربوعة القبيلة ، أو مربوعة المدينة ، أو مربوعة ولد الشارع، وهي ممارسات في الحقيقة ليست شاذة بل يمكننا أن نقول أنها العادة الواقعية والتي تمّ ممارستها في تاريخنا، فنظرة واحدة على التاريخ الليبي تكتشف أن أغلب سياساتنا وقراراتنا السياسية قد أتخذت في مرابيع.. وهي ظاهرة تعكس حقيقة المنظومة الليبية الفكرية والثقافية، التي تبدو الدولة في مخيلتها فكرة ضبابية جداً .. وحينما تغيب الدولة ومكوناتها السياسية.. لا تحرك العلاقات إلا عصبية “القبيلة”.. سواء كانت هذه العصبة القبلية هي قبيلة الأسرة .. أو قبيلة اللحمة .. أو قبيلة المدينة .. أو قبيلة الشارع.. أو قبيلة العرق .. وهي عصبيات بدائية يتعصّب فيها الإنسان لنسبه أو عرقه أو محل سكنه .. في تضاد مع الآخر ، وهي أشياء للسخرية تبدو مكتسبة بمحض الصدفة.

لكن في ومضات نادرة في هذا التاريخ، نجد الليبي قد تعالى على مشاعره ومصلحته القبلية، وأختار مشروع فكري يرى أنه لصالح دولة بالكامل إسمها “ليبيا” .. أبرز هذه اللحظات عندما ذهب 900 ألف مواطن ليبي وصوتوا في إنتخابات سنة 2012 لحزب إسمه حزب التحالف.. لم يصوتوا لشخص بسبب قبيلته أو عرقه أو مدينته .. بل صوّتوا للفكرة والمشروع .. كانت إنتخابات 2012 من اللحظات القليلة التي تنافست فيها أفكار ومشاريع عن طريق أحزاب لها أفكار وأيدولوجيات معلنة.

لكن سرعان ما أنهارت هذه اللحظة لعدة أسباب تحتاج منّا مقالات لحصرها، لكن أبرزها هو نظام المستقلين الذين سمح بتسريب 120 مقعد من 200، 120 مقعد بدون أي أفكار أو مشاريع سياسية، بالإضافة إلى 80 مقعد لأحزاب بدون أي خبرة مسبقة.

اليوم تبدو أن هناك لحظة أخرى مثل لحظة 2012 ، ولكنها تبدو أكثر نضجاً، لحظة من المفترض أن تتنافس فيها الأفكار والمشاريع والرؤى المختلفة، لكل المواطنين، بشكل متجاوز لنظام #المرابيع ، والرز والكسكسي، نظام المرابيع الذي يسمح بالرجال فقط بالمشاركة، وإتخاذ قرارات السلم والحرب وتصبح المرأة والشباب فيه في خانة المفعول به، فقط لا غير.

إذن .. الرجاء إنتبهوا .. القطار قادم .. قطار الإنتخابات قادم .. وهي فرصة واحدة تسمح لك بأن تفكّر خارج إطارك المجتمعي المفروض عليك، وأن تختار لأول مرة خيار حر ، تستطيع به تغيير أنماط فكرية لا تناسبك وعفى عليها الزمن.

بدأت خارطة الأحزاب في ليبيا تتضح للإنتخابات القادمة، وعلى فئات الشباب، المرأة، التيارات الليبرالية، النسوية ، تيارات اليسار، وغيرها التي تمثّل خط ضد النمط السائد للنظام الفكري الحالي التحرّك، التغلغل في الحراك الحزبي، الدخول بأكبر ثقل ممكن والمشاركة في جميع الأحزاب، للوصول لأعلى سلطة سياسية سنة 2022 والقيام بفعل التغيير، أو على الأقل إحداث التوازن المطلوب ضد نظام #المربوعة .

أحمد البخاري