المدمن

 

منذ إستيقاظه اليوم من النوم، وهو يشعر برغبة ملحّة في التعاطي، “تعاطي” .. ضحك وهو يرددها، “متى أصبحتُ متعاطي”، لم يكن في يوم في حياته يعتبر نفسه مدمن، اليوم يبلغ من العمر الستين عاماً، وما زال يعتبر نفسه إنسان فقط يمضي وراء رغباته الطبيعية .

 

كان يفكّر في الإتصال بصديقه “الديلر” ليرى إن كان “الصنف” اليوم متوفراً أم لا، لكن عليه أن يكون حذراً، لم يعد الأمر سهلاً كالماضي، اليوم الرقابة أصبحت مشددة كما لم تكن من قبل، وعقوبة الإمساك بك وأنت تأخذ هذا الصنف أو تتاجر به تصل عقوبتها للسجن المؤبد.

أيقظه من تفكيره العميق حفيده الذي كان يناديه .. جدو جدو .. ماذا هناك ؟ أجاب في ضيق، قال الحفيد : هل يمكنك أن تناولني كيس المارجوانا الخاص بي، إنه بجانبك .. علي اللحاق بالمدرسة !! .. نظر له الجد في ضيق قبل أن يناوله الكيس ويمضي الحفيد مستعجلاً .

 

حاول الرجل الستيني مقاومة رغبته بل وإبعادها ونسيانها، لكنه لم يستطع، كلما أجتاحته الرغبة تذكّر المتعة التي كان يشعر بها أيام الشباب، حيث كل شيء مباح، كم يتمنى أن تعود الخمسين سنة بعد الألفية ثانية للوجود، كيف تحوّل العالم لهذا الهراء.

 

فاض به الكيل ولم يعد يتحمّل، أخذ جهاز الإتصال الإلكتروني وأتصل بصديقه لكي يعود لعالمه مرة أخرى.

 

* * *
في ذلك المكان المظلم المتعفّن كان يجلس مرتعشاً .

دارت عيناه في المكان فلم يجد سوى شخص بعيد يجلس في الخلف في الظلمة، واضعاً قبّعته بشكل يخفي وجهه، شعر بأن صديقه تأخر، فكّر في التخلي على الفكرة والذهاب فوراً، لكن صديقه جاء أخيراً .

قال صديقه بضيق :

ـ للأسف طلبك هذه المرة سيكلّفك أكثر، هذا الصنف أصبح نادراً الآن، وأصبح تهريبه خطيراً جداً، لذا عليك تحويل 2000 بتكوين عوضاً عن 1500 ، أجابه الرجل الستيني في ضيق : ولكن هذا رقم مبالغ فيه ، رفع الديلر كتفيه بمعنى لا شيء لديه ليفعله، هز رأسه موافقاً : أوكي سأحولها الآن .. هيا إجلبه لي .

خلال ثواني كان أمامه ما طلبه، وجبة الكنتاكي كي إف سي.. مع الكول سلو والمايونيز الشهير، سال لعابه، كانت الرغبة تكاد تقتله، أخذ اول قطعة ووضعها على أسنانه، أخذ قضمة وهو يتذوّق طعمها المقرمش.

لم يستوعب ماذا حدث بعدها ، بوليس .. بوليس.. أرمي ما في يديك وإستسلم، كانت الشرطة تطوّق المكان، ووجد جسده المترهّل في لحظات ملقى على الأرض ويديه مكبلتان، لكن على وجهه كانت هناك إبتسامة مرسومة على فمه.

( تمت )